لماذا يختلف مرض السكري عن غيره من الأمراض
أشار الأستاذ الدكتور سعود السفري، رئيس الجمعية العلمية السعودية لداء السكري، إلى أن الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري عموما يواجهون الكثير من التحديات في حياتهم اليوميه، فطبيعة المرض نفسه تعد التحدي الأول حيث ان النوع الثاني من السكري يعتبر ذا طبيعة مختلفة من حيث تطوره، فخلايا بيتا في البنكرياس تبدا بالفشل التدريجي في إفراز هرمون الأنسولين ومع مرور الوقت نجد انها تصل الي مرحلة الفشل الكامل واعتماد المريض علي الأنسولين الخارجي بشكل أساسي وهذا يعتمد علي عدة عوامل منها الجيني ومنها مدى اتباع المريض للحمية الغذائية وممارسة النشاط الرياضي وهذا يختلف من مريض لآخر، فبعضهم خلال عدة سنوات بينما اخرين ربما لايصلون الي هذه المرحلة الا بعد مرور اكثر من خمسة عشر عاما او اكثر.
وعلى الجانب الآخر تعتبر المضاعفات الناتجة عن المرض هي من التحديات الكبرى لمريض السكري، حيث ان كل أعضاء الجسم معرضة لمضاعفاته المزمنة والتي تنتج عن عدم السيطرة على المعدل الطبيعي للسكر بالدم، وفي الغالب تكون نتيجة إهمال نصائح الفريق الطبي المعالج، لان المرض في حد ذاته يعتبر صامت بدون أعراض حادة في اغلب الحالات، وهذا يؤدي للتهاون في علاجه منذ البداية.
وتجدر الإشارة إلى أن صعوبة الاستمرار في اتباع نظام اكل صحي وممارسة الرياضة بشكل مستمر تؤثر سلبيا على الشخص الذي يعاني من مرض السكري، حيث ان طبيعة النفس البشرية تمل من الالتزام بذلك لفترات طويلة، حيث وجدنا ذلك في اغلب الدراسات الطبية الخاصة بمدى التزام المريض بتغيير نمط حياته، وفي أفضل الحالات لايستمر ذلك لأكثر من خمس سنوات على الأرجح.
أما من الناحية العلاجية، فلايوجد حتى اليوم دواء واحد مثالي للسيطرة على مستوى السكر بالدم، واغلب الأدوية المتوفرة لها بعض الاثار غير المستحبة لدى مرضي السكري، كذلك نتيجة لطبيعة حدوث المرض لابد من الجمع بين أكثر من دواء او مستحضر لدى نفس المريض للوصول الى سيطرة مثالية للسكر في الدم.
ومن التحديات الجديره بالإهتمام، هي زيادة أعداد المرضي المصابين والتي يقف أمامها قلة أعداد الأطباء المتخصصين في علاج المرض والفريق الطبي المتخصص في ذلك مثل مثقفي السكر وأخصائي التغذية، بالإضافة إلى زيادة تكاليف علاج المرضي المصابين بالسكري او نتيجة لمضاعفاته، حيث ان أغلب مرضى الفشل الكلوي، وتصلب الشرايين والجلطات القلبية والدماغية، وأمراض شبكية العين، اغلب هؤلاء يعانون من مرض السكري.
وتعتبر قدرة المريض على تعلم مهارات وإتقان بعض الأمور الخاصة بمراقبة النظام الغذائي او كيفية وطريقة مراقبة مستوي السكر بالدم، او أخذ الأدوية والجرعات بالطريقة الصحيحة المناسبة، من التحديات الصعبة حيث أن كل هذا يجعل بعض المرضى يصلون لمرحلة احباط في التعامل مع المرض لان العلاج يعتمد على مدى ثقافة ووعي المريض للتعامل مع بعض المضاعفات الحادة للمرض.
وجدير بالذكر أن من أكثر التحديات التي تحتاج إلي توعية مستمره لمرضى السكري هي ضعف مناعة مريض السكري مقارنة بالأخرين، مما يجعله اكثر عرضة للالتهابات البكتيرية والفيروسية وكذلك العدوى من هذه الاصابات بدرجة اعلى من الاخرين، لذلك لابد من اخذ التطعيمات الموسمية والتي تؤخذ اما بشكل سنوي او كل ٥ سنوات مثل الانفلونزا، المكورات الرئوية، كوفيد-١٩، او التطعيمات الاخرى والمتوفرة في عيادات الرعاية الاولية بكل القطاعات الصحية، كذلك لاحظنا في كل الدراسات العلمية المنشورة مؤخرا زيادة اصابة مرضى السكري بفيروس كورونا او ما يسمى ب كوفيد-١٩ ليس ذلك فقط وانما تعرضهم لمضاعفات خطيرة في حالة اصابتهم بالعدوى، لذلك اخذ الاحتياط والوقاية مهمة جدا حيث إذا أصيبوا بعدوى كوفيد-19 فمن المهم اتباع الخطوات التالية لحماية أنفسهم: اعرف، خطط، ابدا. اعرف اذا كنت أنت أو أي شخص في مجتمعك يعاني من مرض مزمن مثل السكري. خطط بسرعة لأخذ الإجراءات اللازمة اذا كنت تعاني من أحد أعراض كوفيد- ويفضل أخذ الفحص الذاتي للمعرفة اذا تمت الإصابة بكوفيد-19، وابدأ بنشر التوعية واستشارة الطبيب، كما يجب أن تبدأ بعلاج كوفيد -19باتباع إرشادات وزارة الصحة.
وإجمالاً فإن كل هذه التحديات مجتمعة تجعل من محاولة السيطرة على مستوى السكر في الدم عملية معقدة تحتاج الى مستوى عالي من التعاون والتوافق بين المريض وفريق العلاج الطبي وكذلك مستوى جيد من التثقيف وتعليم المهارات الاساسية للمرضى واتاحة مزيدا من الوقت أثناء زيارة المريض لفريقه المعالج لاستيعاب كيفية التعامل مع المرض.
ولذلك فإن كل هذه الأسباب والتحديات تجعل مرض السكري مختلف عن غيره، والذين يعانون منه لابد من ان يكونوا على وعي كامل وإلمام شامل بالمهارات الاساسية للسيطرة على المرض وتجنب مضاعفاته بحول الله وعونه.